|
تمر ذكرى مجزرة حماة هذا العام في وسط مخاض جديد في المنطقة يبشر بالإصلاح والتغيير والانعتاق من الأنظمة المستبدة المنتهكة لحقوق شعوبها في الحياة والحرية والعدالة والمشاركة في ظل هذه الأنظمة المستبدة أصبح الرئيس إلهاً يمجد فيأمر بحرق مدينة وبتقتيل أهلها وبإخفاء الحقائق عن العالم وهذا ما حصل في مدينة حماة السورية في شهر شباط/فبرايرعام 1982. الشعب اليوم أكثر تصميماً على تجاوز حالة استعلاء الحاكم إلى الشفافية والمحاسبة وأن يكون الحاكم واحداً من أبناء الشعب، يخدمهم فلا يستعلي عليهم، يُحاسب على أعماله لا أن يكون فوق المحاسبة كما ينص الدستور المصاغ على هوى الحاكم المستبد. الشعب السوري اليوم أكثر تصميماً أيضاً على إيقاف المجازر المحتملة التي تتهدده مع كل حركة يطالب فيها بحقوقه في العيش الكريم، ويريد أن يقلل من تهديد أجهزة الأمن والمخابرات الرازحة على كاهله منذ عقود، ويريد أن يرى الإصلاح الحقيقي يشق طريقه في البلاد. من جهة أخرى فقد فشلت السلطة الحاكمة في سورية أن تشعل شمعة من الأمل لمواطنيها، وأبت إلا استئثار العائلة الواحدة والحزب الواحد بالسلطة المطلقة، بل ترفض الإصلاح بمطلقة وتتمسك بمسميات الإصلاح الإداري والإقتصادي الذي لا يُرى أثر له إلا في المزيد من الفساد واستشراء البطالة وانتشار الفقر... ويطلع علينا منذ أيام قليلة رئيس البلاد بمقابلة مع مجلة وول ستريت الأمريكية يقول إن الإصلاح في بلدي محتمل في الجيل المقبل أي بعد 25 عاماً، أي بعد أن يصبح عمره 70 عاماً بعمر أبيه عندما رحل عن هذه الحياة. ويقوم في هذه الأيام باتخاذ كل التدابير الأمنية الصارمة والاستعدادات لمنع امتداد رياح الاحتجاجات السلمية المطالبة بالتغيير والإصلاح. حماة التي تتساءل بأي ذنب قتل أبناؤها واختفى الآلاف من شبابها وشرد العديد من أهلها ودمر الكثير من بنيانها لا تزال تأمل بالإنصاف، باعتبار أن جرائم الإبادة الجماعية والقتل والحرق والتدمير والجرائم ضد الإنسانية لا تموت بتقادم الأيام ... لا يزال أملها كبير بأن يُنتصَفَ لها من الذين أجرموا بحقها، من الذين انتهكوا حرمتها، من الذين دخلوا بيوتها عنوة، من قتلوا الصغار الرضع أمام عيون أمهاتهم قبل أن يجهزوا عليهن بالأسلحة النارية والأسلحة البيضاء، من الذين دكوها براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة، من الذين نهبوا محلاتها قبل أن يضرموا فيها النيران، لا تزال تحلم حماة بحكم يفتح ملف المذبحة ليقول القضاء المحايد كلمته، ويصدر أحكامه ... وليأتي الحكم متأخراً حيناً من الدهر كما تأخر في جنوب أفريقيا والبوسنة ، لكنه قادم لا محالة ما دام الطغاة المستبدون في طغيانهم مستمرون. حماة جزء من حالة تعم سورية بمدنها وبلداتها وقراها، حيث يستمر فشل السلطة الحاكمة بالقمع المستمر والاعتقال والسجن واليد الغليظة والمجازر في السجون وإنكار الحريات الأساسية، ومنع حرية التعبير عن الرأي ومنع حرية المطالبة بحياة أفضل وحقوق أعدل. لكن أمل الشعب بالتغيير يتعاظم ويكبر، وتكبر الحركة وينفض الناس الخوف المفروض عليهم من أيام الرعب التي عاشوها في ظل إرهاب الدولة في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، لتفشل السلطة الحاكمة في سورية في الإصلاح والتغيير وليحلم الشعب بحياة أفضل وعدالة ومساواة وديمقراطية وحقوق إنسان، وليتربص كل فريق ... وبانتظار نتيجة الفوز للشعب وتطلعاته ويومئذ سيكنس الشعب الديكتاتورية والاستبداد والاستعباد، ويسبدلها بالعدالة والحرية والتعددية والعيش المشترك والشفافية، وهذه تطلعات شعبنا للذكرى الثلاثين للمذبحة المؤلمة التي ارتكبتها السلطة الحاكمة... فهل من مدكر اللجنة السورية لحقوق الإنسان |